شــــــــذرات لغوية
السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد
---------------------------------
((( مع نداء لفظ الجلالة " الله " بالميم المشددة و تاء القسم )))
عندما نتجول في بستان لغتنا الجميلة و نتوقف مع أبجديتنا الشاعرة من خلال علوم العربية و لا سيما النحو العربي ، فأننا نجد أسلوب النداء و القسم له صور متعددة من خلال الأدوات المستخدمة نطقا و كتابة كما سنوضح حكاية :
الميم المشددة " م " في نداء لفظ الجلالة فقط ، و تاء القسم " ت " في لفظ الجلالة أيضا . و هذا من بيان و سحر لغة الضادة المتفردة ، التي لا ينقطع جماليات الدلالات في اطار اللفظ و المعني مع سياق الكلام العربي !! .
1 - ( الميم المشددة في نداء لفظ الجلالة )
(اللهمَّ ) نداء لله تعالى ولا يذكر معه (يا) , قال تعالى (( قل اللهمَّ مالك الملك ))
وعند البصريين أن أصله ((يا الله )) والميم بدل من (يا) بدليل انك لو أسقطت الميم لوجب ذكر (يا) فتقول :يا الله
قال الزمخشري ((الميم في اللهم عوض من (يا) ولذلك لايجتمعان ,وهذا بعض خصائص هذا الاسم ( لفظ الجلالة الله ) .
و قد تخرج ( اللهمَّ ) عن النداء فتستعمل في وجهين آخرين :
ـ أن يذكرها المجيب تمكينا للجواب في نفس السامع ، يقول لك : أزيدٌ قادم ؟ فتقول : اللهم نعم، أو اللهمَّ لا .
ـ أن تستعمل دليلاً على الندرة وقلة وقوع المذكور ، كقولك : أنا لا أزوركَ اللهمَّ إلا أن تدعوَني .
ـ و قد يجمع بين ( يا ) النداء و الميم في ( اللهم ) لضرورة الشعر، كقول الشاعر :
إني إذا ما حدَثٌ أَلمَّا أقولُ يا اللهمَ يا اللهمَّا 3 ـ يجوز حذف ( أل ) من أول ( اللهم ) و يكثر هذا في الشعر ، كقول الشاعر :
لاهُـــــــمَّ إنَّ العبــــدَ يمنع رَحـــْلَهُ فامنــــع رحالك فتكون كلمة ( لاهُ ) هي المنادى المبني على الضم .
كما اختص بالتاء في القسم ، و بدخول حرف النداء عليه و فيه لام التعريف ، و بقطع همزته في ( يا ألله ) و بغير ذلك )) . الكشاف1\349 . وعند الكوفيين أن الميم مقتطعة من جملة (أُمَّنا بخير ). ودلت الدراسات الحديثة أن أصلها عبري (ألوهيم ), ومعناها (الاّلهة) وهم يريدون به الواحد وإنما جمعوه للتعظيم .
2 – ( تاء القسم )
إن التاء لا تستخدم إلا مع لفظ الجلالة ولا تستخدم مع أي اسم آخر .
و قد جاء في القرآن الكريم مواضع عن " تاء القسم " :
قال تعالي :
{ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } يوسف : 73
{ قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ } يوسف : 85
{ قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ } يوسف : 95
{ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } الشعراء : 97
توجد ميزة خاصة للقسم بالقسم بحرف التاء.
أولا : يختص حرف التاء بالدخول على اسم الله سبحانه وتعالى أو الرب مضافًا للكعبة.
ثانيا : في التاء زيادة معنى, وهو التعجب.
وقد ذكر علماء اللغة بأن المقسم عليه بالتاء يكون نادر الوقوع لأن الشيء المتعجب منه لا يكثر وقوعه ومن ثم قل استعمال التاء إلا مع اسم الجلالة لأن القسم باسم الجلالة أقوى القسم.
قال الفراء في المعاني :
" العرب لا تقول تالرحمنِ ولا يجعلونَ مكانَ الواو تَاء إلاّ فى الله عزّ وجلّ. "
هذه كانت وقفة مع " الميم المشدةة في ناء لفظ الجلالة فقط " ، و أخري مع " تاء القسم التي تختص بلفظ الجلالة أيضا "
و أخيرا :
فكلاهما لا يستخدم الا للفظ الجلالة و هذا من جمال وروعة لغتنا العربية .
اتمني أن أكون وفقت في الطرح و العرض كي تتحقق الفائدة المرجوة من تلك هذه الشذرات النادرة .
مع الوعد بلقاء متجدد أن شاء الله .