الومضة بين..
التجانس والمفارقة
حتى نستطيع تجنب مشكلتى الخبرية وعدم التجانس أقدم طرحا مختصرا لكل مهتم بفن الومضة ..
تجنب الخبرية يعتمد على قدرة المبدع أولا على اقتناص القفلة المدهشة المفاجئة، وثانيا على اتساق وتجانس الجملتين، وحتى نفتح مجال الإبداع أكثر لابد من مراعاة النقاط التالية:
أولا؛ بتشريح الومضة لغويا نجد عنوانا، جملتين فعليتين في الزمن الماضي، والجملة الفعلية تتكون من فعل ماضى وفاعل ومفعول، أو فعل مع فاعل فقط، أو فعل مع مفعوله وفاعل ضمير مستتر، وربما تطلب السياق استخدام جمل ظرفية بجار ومجرور أو ظرف زمان ومكان يعقبه المظروف فيه.
نستطيع تجنب الخبرية بثلاثة أساليب ........
1-تضاد الفعلين..مثل (ارتفع،هبط)(جف، ارتوى)(حضر، غاب) وهكذا..وهذا أسهل وأضعف درجات الإدهاش لأن الومضة ستكون كالمعادلة الرياضية، مقدمة تؤدي إلى نتيجة.
2- المفارقة بتغاير فاعل عن فاعل ـ أو مفعول عن مفعول، وهذا التضاد المعنوي أشد وأكثر وقعا على ذائقة المتلقي.
3- المفارقة بتضاد الفعلين وتغاير الفاعل أو المفعول، وهذه درجة عليا من المفارقة كذلك، إذ يصب المبدع قيمة المفارقة من كافة جوانبها على ذائقة المتلقي.
ثانيا؛ التأنى الشديد عند كتابة جملة النتيجة، لذلك أقول أن السجال يسير بالومضة فى مسار غير الذى يجب أن تسير فيه.
ثالثا؛ إذا أردت أن تعرف أنك وقعت فى الخبرية، فعليك كتابة أكثر من جملة نتيجة لنفس الومضة، والمقارنة بينها، هذا سوف يكشف لك أي النهايات خبرى وأيها مدهش.
أمثلة
مؤتفكة
أطلقوا اللحى؛ حلقوا الدين.
هذه الومضة جاءت بالإدهاش من طرفين، تضاد الفعلين(أطلقوا ..حلقوا) وكذلك مغايرة المفعول بالجملة الثانية ـ
إذا أردت أن أواصل الومض انطلاقا من جملة النتيجة (حلقوا الدين) فكيف أصوغ ومضة مدهشة؟
جحود
حلقوا الدين؛..............
فلنفكر كثيرا قبل إتمام الجملة الثانية
هل تكون؛ حلقوا الدين؛ تبرَّأ منهم....... لا هذه خبرية.
هل تكون؛ حلقوا الدين؛ نبتت ذنوبهم. لا تلك خبرية كذلك.
هل تكون
حلقوا الدين؛ أسلمتْ الشفرات........ هذه هى الصحيحة، الجماد نفسه يسلم لله ويسبحه أما قلوبهم فهى فى جحود بعد حلقهم دينَهم.
..........................................
رابعا؛ لغة الومضة
يجب أن نتحرى الدقة المتناهية فى لغة الومضة التى تصل فى بيانها إلى اللغة الشعرية، وكذلك يجب ضبط الومضة بالشكل إذا أمكن حتى يسهل على القارئ استخراج القيمة دون إجهاد ذهنه فى استنتاج الإعراب ومواقع المفردات.
...........................................
المسموح به فى الومضة كحد أقصى ثمانية مفردات، ومن وجهة نظرى لا يجب أن يتحرى الكاتب صياغة ومضته فى كلمتين إلا إذا تطلب السياق ذلك.
خامسا؛ التجانس
التجانس من أهم العناصر التي يجب أن تتوافر في فن الومضة، والتجانس معناه أن تكون جملة النتيجة من نفس المعين أو الرافد الذي نبعت منه جملة السبب، وإلا تكون الومضة مفككة ولا علاقة للجملتين ببعضهما البعض...
مثال
انعتاق
تدثَّرَ بالعُزلة؛ طال انتظارها.
هذه الصياغة غير متجانسة إذ لا انسجام ولا تجانس بين التدثر بالعزلة للبطل وطول الانتظار للبطلة، كل جملة تسير في مسار شبه منفصل عن الآخر.
لكن حتى أحقق التجانس المطلوب أقدم صياغة أخرى..
انعتاق
تدثَّرَ بالعُزلة؛ نازَعُوهُ بُرُودَتَها.
المعروف أن التدثر يكون في حالة الشعور بالبرد القارص، والعزلة في حد ذاتها ترتبط ببرودة المشاعر، فتأتي جملة النتيجة بالمفارقة، أن هناك من يطمع في البطل وكل ما يملكه حتى شعوره ببرودة الانعزال عنهم، فلا يسمحون له بالعزلة بل ينازعونه إياها بالرغم من أنها شعور سلبي موجع.
..
الناقد والكاتب المبدع/الاستاذ سيد عفيفى/مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق