الهايكو..
فلسفة الطبيعة
ليس من السهل على أي حضارة تقبل الثقافات الدخيلة وصهرها ثم تقديم مخرجات جديدة تجمع بين الملامح الأصيلة والدخيلة في شكل تهجين مقبول الشكل والمضمون، وهذا تحديدا ما استطاعته الحضارة العربية من اجتذاب فنون الشعر من حضارة الشرق، وهي فنون ذات طابع خاص لا يجب وضعها في كفة ميزان في مقابل الشعر العربي، يؤخذ الأدب الشرقي بخصوصيته كما لشعرنا خصوصياته المتعددة.
فلسفة الطبيعة
ليس من السهل على أي حضارة تقبل الثقافات الدخيلة وصهرها ثم تقديم مخرجات جديدة تجمع بين الملامح الأصيلة والدخيلة في شكل تهجين مقبول الشكل والمضمون، وهذا تحديدا ما استطاعته الحضارة العربية من اجتذاب فنون الشعر من حضارة الشرق، وهي فنون ذات طابع خاص لا يجب وضعها في كفة ميزان في مقابل الشعر العربي، يؤخذ الأدب الشرقي بخصوصيته كما لشعرنا خصوصياته المتعددة.
بناء الهايكو
أولا؛ نص الهايكو قد لا يتواءم معه مسمى (قصيدة) كونه الوجه الآخر للشذرة في الأدب العربي، ولشدة الاقتضاب والتكثيف والاختزال.
ثانيا؛ يتركب الهايكو من ثلاث شطرات في قمة التكثيف، ومن ثم لا يتناسب معه أسلوب السرد، ولا يتسق في لغته استخدام الكثير من الحروف والروابط من عطف ونفي واستفهام وتوكيد وشرط.
ثالثا؛ الهايكو صورة حية ملتقطة من الطبيعة ويلحق بها فلسفة روحانية تأملية، لذلك يتكون من ثلاث شطرات تكون الأولى منها رصد المشهد من الطبيعة، والثاني يكون حدث أو فعل يتعلق بالمشهد، وليس بشرط أن تتضمن الشطرة الثانية فعلا، بل قد يستعاض عنه بجملة اسمية تؤدي روح المعنى، وإذا ضمنا فعلا بالشطرة الثانية يتوجب استعمال المضارع لإفادة الوصف والحراك، أما الماضي فينحو تجاه السرد والإخبار، أما الشطرة الثالثة وهي الرابط بين مشهد الطبيعة وفلسفة النص التأملية، وتقدم في شكل مفارقة لم يكن يتوقعها القارئ، وعن قيمة المفارقة في الأدب المعاصر وبخاصة الأبيجراما هناك مقال مستقل لمن أراد التوسع في كيفية صياغة هذه المفارقة وماهيتها.
رابعا؛ استعمال أكثر من فعل مضارع في الهايكو يضعف من أحد أمرين، إما يضعف مشهديته، أو يضعف فلسفته ومفارقة المعنى بالقفلة، ويؤدي إلى حالة من الحراك لا يتحملها الهايكو شديد التكثيف.
خامسا؛ إذا جاء سياق الهايكو متصلا بحيث تفضي كل شطرة إلى الأخرى سيتحول النص إلى ققج بلا عنوان.
سادسا؛ إذا حملنا الهايكو بالصور المجازية المشبعة سيتحول إلى شذرة عربية خالصة.
سابعا؛ لصقل اللغة في الهايكو أهمية شديدة، لأنه لا يحتمل الترهل وتكرار أية مفردة.
أولا؛ نص الهايكو قد لا يتواءم معه مسمى (قصيدة) كونه الوجه الآخر للشذرة في الأدب العربي، ولشدة الاقتضاب والتكثيف والاختزال.
ثانيا؛ يتركب الهايكو من ثلاث شطرات في قمة التكثيف، ومن ثم لا يتناسب معه أسلوب السرد، ولا يتسق في لغته استخدام الكثير من الحروف والروابط من عطف ونفي واستفهام وتوكيد وشرط.
ثالثا؛ الهايكو صورة حية ملتقطة من الطبيعة ويلحق بها فلسفة روحانية تأملية، لذلك يتكون من ثلاث شطرات تكون الأولى منها رصد المشهد من الطبيعة، والثاني يكون حدث أو فعل يتعلق بالمشهد، وليس بشرط أن تتضمن الشطرة الثانية فعلا، بل قد يستعاض عنه بجملة اسمية تؤدي روح المعنى، وإذا ضمنا فعلا بالشطرة الثانية يتوجب استعمال المضارع لإفادة الوصف والحراك، أما الماضي فينحو تجاه السرد والإخبار، أما الشطرة الثالثة وهي الرابط بين مشهد الطبيعة وفلسفة النص التأملية، وتقدم في شكل مفارقة لم يكن يتوقعها القارئ، وعن قيمة المفارقة في الأدب المعاصر وبخاصة الأبيجراما هناك مقال مستقل لمن أراد التوسع في كيفية صياغة هذه المفارقة وماهيتها.
رابعا؛ استعمال أكثر من فعل مضارع في الهايكو يضعف من أحد أمرين، إما يضعف مشهديته، أو يضعف فلسفته ومفارقة المعنى بالقفلة، ويؤدي إلى حالة من الحراك لا يتحملها الهايكو شديد التكثيف.
خامسا؛ إذا جاء سياق الهايكو متصلا بحيث تفضي كل شطرة إلى الأخرى سيتحول النص إلى ققج بلا عنوان.
سادسا؛ إذا حملنا الهايكو بالصور المجازية المشبعة سيتحول إلى شذرة عربية خالصة.
سابعا؛ لصقل اللغة في الهايكو أهمية شديدة، لأنه لا يحتمل الترهل وتكرار أية مفردة.
دور الهايكو في الأدب العربي
تلقيت سؤالا بهذا الخصوص، ما الذي أضافه الهايكو إلى بحر الأدب العربي الشاسع؟
فقلت وأكرر؛ إن الهايكو بما يحمله من التقاط مشهد من الطبيعة ثم تحويله إلى تأملات روحانية فلسفية في نص غاية الاقتضاب والتكثيف لم يكن معروفا بشكل مستقل في أدبنا، وبالرغم من وجود الهايكو كتضمين داخل سياقات طويلة كالرواية والقصة القصيرة والشعر بأنواعه، إلا أنه لم يكن مسقلا واضحا بهذا التقنين، قدم الهايكو لنا تشذير من نوع جديد يعتمد الطبيعة كأساس، وهذا ما باعد بينه وبين الشذرة العربية التي تقدم فلسفة الوجدان لا الطبيعة.
تلقيت سؤالا بهذا الخصوص، ما الذي أضافه الهايكو إلى بحر الأدب العربي الشاسع؟
فقلت وأكرر؛ إن الهايكو بما يحمله من التقاط مشهد من الطبيعة ثم تحويله إلى تأملات روحانية فلسفية في نص غاية الاقتضاب والتكثيف لم يكن معروفا بشكل مستقل في أدبنا، وبالرغم من وجود الهايكو كتضمين داخل سياقات طويلة كالرواية والقصة القصيرة والشعر بأنواعه، إلا أنه لم يكن مسقلا واضحا بهذا التقنين، قدم الهايكو لنا تشذير من نوع جديد يعتمد الطبيعة كأساس، وهذا ما باعد بينه وبين الشذرة العربية التي تقدم فلسفة الوجدان لا الطبيعة.
كاتب الهايكو
النزاع الأزلى القائم بين كل قديم وحديث فرض إشكالية تصنيف كاتب الهايكو (هايكست) في الأدب، هل يصح أن نطلق عليه مسمى الشاعر، أما الكاتب، أم قاص، وهذا الخلاف لا يفيد أكثر مما يسبب حدة الصدام بين الكلاسيكية والحداثة، ومن وجهة نظر نقدية لا يستقيم اعتبار الهايكو قصيدة شعر، لشدة الاقتضاب والخلو من الموسيقى والتفعيلة والصور البيانية وغيرها من ثوابت الشعر، الهايكو ماهو إلا شذرة نثرية بلغة أدبية ترتبط بمشهد الطبيعة، وناظم الهايكو بذلك يكون كاتبا للنثر.
النزاع الأزلى القائم بين كل قديم وحديث فرض إشكالية تصنيف كاتب الهايكو (هايكست) في الأدب، هل يصح أن نطلق عليه مسمى الشاعر، أما الكاتب، أم قاص، وهذا الخلاف لا يفيد أكثر مما يسبب حدة الصدام بين الكلاسيكية والحداثة، ومن وجهة نظر نقدية لا يستقيم اعتبار الهايكو قصيدة شعر، لشدة الاقتضاب والخلو من الموسيقى والتفعيلة والصور البيانية وغيرها من ثوابت الشعر، الهايكو ماهو إلا شذرة نثرية بلغة أدبية ترتبط بمشهد الطبيعة، وناظم الهايكو بذلك يكون كاتبا للنثر.
التطبيق
في زوايا مُظلمة
لا تخيّمُ العناكبُ وحدها..
الفكرٌ متحجّر!
هذا النص بدأ بالتقاط المشهد من تفاصيل البيئة المرئية، زوايا مظلمة هي بؤرة النظر التي ينقلها الكاتب للقارئ، ثم حدث الهايكو الذي ينفي حقيقة تخييم العناكب فيها واتخاذها بيوتا في أماكن لا حراك فيها للإنسان، ثم انتقالة فلسفية تأملية بالربط بين ظلام الزوايا وظلمة العقول التي لا تنتج نورا ولا تؤدي دورها المنوط بها من الفكر النير، فتحول العقل إلى مكان صلب كزوايا المبنى الحجرية، فاشترك العقل والمبنى في صفة التحجر، وتجانس الظلام مع الجهل، وتجانس ضعف العنكبوت وبيته مع ضعف الفكر الثابت الذي لا يقبل التجديد والمرونة، ونلاحظ هنا عدم اتصال السياق بروابط بما يوائم التكثيف والاقتضاب، ونلاحظ المفارقة في التحول من وصف المشهد المرئي إلى استعارة صفة التحجر لفكر من عقل حي، كما يؤدي النص إشارة ضمنية إلى الأفكار الظلامية التي تنمو في عقول مغلقة ونرى أثرها على نظافة واقعنا المعنوية والمادية على حد سواء.
في زوايا مُظلمة
لا تخيّمُ العناكبُ وحدها..
الفكرٌ متحجّر!
هذا النص بدأ بالتقاط المشهد من تفاصيل البيئة المرئية، زوايا مظلمة هي بؤرة النظر التي ينقلها الكاتب للقارئ، ثم حدث الهايكو الذي ينفي حقيقة تخييم العناكب فيها واتخاذها بيوتا في أماكن لا حراك فيها للإنسان، ثم انتقالة فلسفية تأملية بالربط بين ظلام الزوايا وظلمة العقول التي لا تنتج نورا ولا تؤدي دورها المنوط بها من الفكر النير، فتحول العقل إلى مكان صلب كزوايا المبنى الحجرية، فاشترك العقل والمبنى في صفة التحجر، وتجانس الظلام مع الجهل، وتجانس ضعف العنكبوت وبيته مع ضعف الفكر الثابت الذي لا يقبل التجديد والمرونة، ونلاحظ هنا عدم اتصال السياق بروابط بما يوائم التكثيف والاقتضاب، ونلاحظ المفارقة في التحول من وصف المشهد المرئي إلى استعارة صفة التحجر لفكر من عقل حي، كما يؤدي النص إشارة ضمنية إلى الأفكار الظلامية التي تنمو في عقول مغلقة ونرى أثرها على نظافة واقعنا المعنوية والمادية على حد سواء.
خاتمة
هذه الفنون اليابانية التي تعتمد الهايكو كأساس مثل التانكا خماسية الشطرات، والسنريو الذي يعتبر الوجه الانسانى للهايكو، والهايبون ذو العنوان والمدونة النثرية المختومة بهايكو، كلها تصب في صالح الأدب العربي، وتخلق مساحات تعبيرية تناسب روح العصر وإيقاعه المتسارع بشرط، أن تقدم مضمونا ذا قيمة وثراء، وأن يكون هذا المضمون في شكل قالب لغوي صحيح مصقول.
سيد عفيفي
هذه الفنون اليابانية التي تعتمد الهايكو كأساس مثل التانكا خماسية الشطرات، والسنريو الذي يعتبر الوجه الانسانى للهايكو، والهايبون ذو العنوان والمدونة النثرية المختومة بهايكو، كلها تصب في صالح الأدب العربي، وتخلق مساحات تعبيرية تناسب روح العصر وإيقاعه المتسارع بشرط، أن تقدم مضمونا ذا قيمة وثراء، وأن يكون هذا المضمون في شكل قالب لغوي صحيح مصقول.
سيد عفيفي
شتاء بغداد
ردحذفإمرأة معذبة
ترفض البكاء
-----------
ابتسامة سريعة
في منتصف الطريق
امراة عابرة
----------
في المتحف
ثراء الألوان
فراشات محنطة
----------
تجتاز الإشارة الحمراء
سيارة الرئيس
تدهس الوطن
عباس محمد عماره