(سَجْعٌ في شمائلِ عليّ بن ابي طالب) كرّم الله وجهه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أُحارُ في وصفكَ وقد تَقدَمَني الواصفون ويَخشعُ المِداد وقد سَبقني الناثرون ، فكيف أذيعُ سجايا أنتَ
أولها وكيف أصوغُ قلادةً أنتَ أوسطها وكيف أنثرُ مناقباً أنتَ خاتمها (1) ، وكيف أنعتُ مَنْ أنهَكَتْ
شمائلهُ الناعتين وكيف أنحَتُ مَنْ أرهَقَتْ مناقبهُ الناحتين ، وهل يضلُّ الرَكبُ وأنتَ حاديه أم هل
يَضعفُ الصَحْبُ وأنتَ ناديه (2) ، عذرا سيدي إنْ لمْ يُآزرني البيان والكلام الجَزْل فأمام عرشكَ
يرتعشُ السَجْعُ وكلّ حروف الوَصْل ، ياقِبلةَ العاشقين ويا منارَ القاصدين ، عند بابكَ يَخنَعُ الملوكُ
والأباطره وعند رفاتكَ يستكين الأعاظم ُوالقياصِره ، مِسكٌ يَضوعُ كُلَّما سُتِر ونورُ شمس ٍ مَزَّقَ
السُتُر ، أَخفى فضائلَهُ الحاقدون وكَتمَ مآثرهُ الحاسدون ، فلم تَزَلْ مناقبهُ للظامئين سَبيلا ولم تَزلْ
مكارمهُ للباحثين دليلا ، كَبشُ العراق حَمَلَتْ مناقبهُ الآفاق ، يفوحُ العلمُ من جوانحهِ ويفوعُ البأسُ
من جوانبهِ (3) ، تاقَتْ لهُ الكعبةُ فهو وليدها وتفاخرَتْ وتهللَتْ بمُحطم ِ أصنامها ، لصيقُ الرسولِ
وزوجُ البتولِ ، أَحَبَّهُ المؤمنون وأبغَضَهُ المنافقون ، غزيرُ الدمعِ قويُّ الرَدْعِ ، كريمٌ سَريّ (4)
وَهوبٌ سَخيّ سَمِحٌ أَبيّ نقيٌ تقيّ ، فيّاضٌ جَواد كثيرُالرماد(5) ، مُتَصدّقٌ واهِب ورِعٌ راهِب ،
خاشِعٌ عابد قانِتٌ زاهِد ، يرتدي من اللباسِ أًخشَنه ويأكل من الطعام أجشَبه (6) ، إن خالطَهُ الكَرى
جعلَ من الترابِ وَساده وإن أدركهُ السُهاد شَرعَ للتبتُلِ والعباده ، حتى إذا شَدَّ الظلامُ أطنابهُ وتاقَ
للتسبيحِ طُلاّبهُ ، إنزَوى عن كلِّ ماجاوَرَهُ والتَحَفَ الليلَ وديجورَهُ ، واستكان لربهِ بخشوع وفاضَتْ
مآقيهِ بالدموع وهو يناجي رَبَّهُ :
" يا سَريعَ الرِّضا اِغْفِرْ لِمَنْ لا يَمْلِكُ إلاّ الدُّعاءَ اِرْحَمْ مَنْ رَأْسُ ماله الرَّجاءُ وَسِلاحُهُ الْبُكاءُ " (7)
حتى يَكاد أن يُغشى عليهِ مِن خشيةِ الله الذي لاربَ معبودٌ سِواه ، وهو يرددُ :
" يا دنيا غرّي غيري إليَّ تعرضتِ أم إليَّ تَشوَّقتِ هيهات هيهات قد طَـلَّقـتُـك ِ ثلاثا ً لا رجعةَ فيها "(8)
فَيصبحُ أسداً هَصورا هِزَبْراً جَسورا ، لايعرفُ الدرعُ اليهِ مَلبَسا ولا يُشاطِرالخوف اليه مَجلِسا ،
يَفُتُّ الجيوشَ بذي الفقارِ هُزماً بذلٍ وانكسارِ ، وقد بُحَّ صوتهُ هل مِن مُبارز فلامجيب إلاّ ثغاء
كالمواعز ، ويشج هامهم من غير كدٍ ويكسر عضدهم من غير جهدِ ، ، شديدُ الساعد شجاعٌ واعِد ،
باسلٌ وَثوب كرارٌ سُهُوب (9) قَصِيِّ الغدرِ عَصِيِّ الفرِّ ، مُنَكِّسُ الرايات فالقُ الهامات ، فاتحُ
الحصون حاصِدُ المَنون ، حتى إذا تصادمَ الرجال وتشابكَتْ النِصال ، وتجمدَّتْ الدماء في عروقها
، واستَعرَت الحرب بسوقها ، وظهرتْ نوايا الميل بَزَغَ من لايرقى اليه الطير ومن ينحدرُ عنه
السَيْل ، فَتقَ الجيوشَ حيدر وأرجَفَ اليهودَ وزَمجَر وهشَّمَ الصدورَ وكَبَّر ، حتى إذا انهزمَ
الراجفون وتبعثرَ الناكثون ، فلم يثبُتْ من القلوبِ إلا أَشجَعها ومن الصوارمِ إلا أقطَعها ، برزَ مَنْ
لافتى إلا عليّ بذي الفقارِ النائلي (10) متحديا ً عمرو بن ودّ العامريّ بضربةٍ قَدَّتْ غرورَ
العامريّ ، وَدَّكَ صناديدَ الباطل وفتَّ الأذرعَ الموائل (11) ، نبيلُ الخلقِ عندَ الطعان نَجيبٌ عندَ
منازلة الأقران ، وينأى بوجههِ الكريمِ عَن طعنة ٍ تَذرو(12) " كما ردَّها يوماُ بسوءتهِ
عمرو"(13) ، هو الذي جمعَ مِنَ المحاسنِ أَبهاها ومن الفضائلِ أَسناها ومن المكارمِ
أقصاها ومن المحامد ِ أنداها ، ومن المساعي أكرمها ومن المفاخرِ أفخمها ، هو ركنٌ مِن أركانِ
الهدى ويَدٌ عنوانها الندى ، ضاقت بمناقبهِ الآفاق فحُبُّهُ إيمانٌ وبغضهُ نفاق ، تعجزُ الاقلامُ عَن عَدِّ
مناقبهِ ويفنى المدادُ في رسمِ مراتبهِ ، حارتْ بوصفهِ العقول وخضعَتْ لِحكمتهِ الكهول ، هو" مَن
قاتل بسيفين وبايع البيعتين وهاجر الهجرتين ابو السبطين الحسن والحسين"(14) ، ذلك هو سيدي
الأسد الغالب علي ابن ابي طالب .
.............................................................................................
(1) اوسط القلادة : الجوهرة او الدرة الكبيرة في وسط القلادة
(2) النادي : الاهل او العشيرة
(3) يفوع : ينتشر
(4) سري : كريم ، سَخيّ
(5) كثير الرماد : كريم وكثير العطاء
(6) طعام جشب : طعام خشن وغليظ
(7) مقطع من دعاء الامام علي (كرم الله وجهه) .
(8) الكلام للإمام عليّ (كرم الله وجهه)
(9) سهوب : شديد الجري والحركه
(10) حسام نائلي : كثير الفتك ... ويدرك مايريد .
(11) موائل : متجهة للقتال .
(12) تذرو : تقَطِّع وتبدد .
(13) الشطر من قصيدة (اراك عصي الدمع ) لابي فراس الحمداني ...وهو يشير الى عمرو بن العاص عندما اتقى ضربة عليّ بكشف عورته في معركة صفين .
(14) الكلام لـ (علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب) في خطبته بدمشق
الهدى ويَدٌ عنوانها الندى ، ضاقت بمناقبهِ الآفاق فحُبُّهُ إيمانٌ وبغضهُ نفاق ، تعجزُ الاقلامُ عَن عَدِّ
مناقبهِ ويفنى المدادُ في رسمِ مراتبهِ ، حارتْ بوصفهِ العقول وخضعَتْ لِحكمتهِ الكهول ، هو" مَن
قاتل بسيفين وبايع البيعتين وهاجر الهجرتين ابو السبطين الحسن والحسين"(14) ، ذلك هو سيدي
الأسد الغالب علي ابن ابي طالب .
.............................................................................................
(1) اوسط القلادة : الجوهرة او الدرة الكبيرة في وسط القلادة
(2) النادي : الاهل او العشيرة
(3) يفوع : ينتشر
(4) سري : كريم ، سَخيّ
(5) كثير الرماد : كريم وكثير العطاء
(6) طعام جشب : طعام خشن وغليظ
(7) مقطع من دعاء الامام علي (كرم الله وجهه) .
(8) الكلام للإمام عليّ (كرم الله وجهه)
(9) سهوب : شديد الجري والحركه
(10) حسام نائلي : كثير الفتك ... ويدرك مايريد .
(11) موائل : متجهة للقتال .
(12) تذرو : تقَطِّع وتبدد .
(13) الشطر من قصيدة (اراك عصي الدمع ) لابي فراس الحمداني ...وهو يشير الى عمرو بن العاص عندما اتقى ضربة عليّ بكشف عورته في معركة صفين .
(14) الكلام لـ (علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب) في خطبته بدمشق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق