الخميس، 24 نوفمبر 2022

قراءة ض نقدية للناقد الأستاذ عادل

قراءة نقدية
( إضاءات نقدية ) 
واقع و رهان
قراءة في الومضة الموسومة بـ ( سجين ) للكاتب المصري طارق يحي حجاب.
الومضة:
سَجِينٌ
( قَطَعُوا عَنهُ الزِّيَارَةَ؛ وَصَلَهُ إِيمَانُهُ. )
يعمل الكاتب من البداية على تعرية الواقع الذي يعيشه كل سجين مظلوم ، فبعد التّأمّل فيما نعيشه ها هو الوامض يبدع في تصوير مشهد خاطف (فلاش باك) و كأنّه بطريقة أو بأخرى يحفر في ذاكرتنا وشم المعانات التي صارت تتلاحق كالأمواج لترمي بنا في غيابات اليأس، هذا اليأس الذي لن ينمحيي إلاّ حينما يأتي عليه الإيمان الصّلد و اليقين الرّاسخ فيدمغه.
إنّ أيّ نص كان، يعتليه عنوان هو بمثابة العتبة الأولى له ، و هو في هذه الومضة ورد بصيغة المفرد النّكرة الدّالة على إمكانية التّعميم ، و في المعاجم اللغوية يأتي لفظ ( السّجين) بمعنى المسجون و المعتقل، و هو ما يجعل الكثير من الـتأويلات تزدحم في مخيّلتنا، و هذا من صميم وظيفية العنوان المتمثّلة في ( إغراء المتلقّي ) أي أنّ الوامض يجرّنا إلى رسم أبعاد المكان ، فهذا السّجين هو الآن داخل زنزانة و التي مجرّد التّفكير فيها يُفقد الحياة طعمها ، فما بالك بدخولها، وربّما الوامض يوحي لأمر أعمق ، فالسّجين هنا قد نسمه بسجين الرّأي ، و نحن على علم من أنّ من سُجِن قد يكون السّبب وراء ذلك اختلافه في الرّأي مع الحاكم أو مع المستدمر الجائر على الضّعفاء .
من هنا يمكن لنا فكّ أحجية السّجين ، كون المقصود من الومضة يعيش في عزلة بين شقيّها تماما كما هو الحال عند السّجين المرمي في ديجور الزنزانة ، وما علينا إلاّ تقصي المقصود الذي بدا صادما في شقّ الومضة الأوّل ، فذاك السّجين الذي سُلِبَ الحريّة و تجرّع الاستبداد قد سُلِب كذلك أمرا آخر هو في الأصل لا يسمن و لا يغني من جوع عدا اكتحال العين بمن البعد عنهم و فراقهم سبَّبَ للقلب لوعة ، فِعلاً هذا السّجين قد حُرِم من الزيارة ، وقد كان أمرا متعمّدا ، فيه ما يدلّ على نذالةٍ و قذارةٍ تنبعث من أشباه بشر لم تسلك الرّحمة طريقا لقلوبهم .
ينبو إقدامهم على عمل كهذا على جبن متأصّل من أجداد الأجداد ، فهم يعشقون الحياة ، و يمقتون الموت و لربمّا يأتي عليهم زمان من حنقهم سيحرمون السّجين حتّى الهواء برميه في غيابات الأرض العميقة.
و لأنّ الوامض عمد إلى الإيجاز و الاختصار نقلنا بسرعة البرق إلى متضادة برع في تصويرها في شقّ الومضة الثّاني ، و الذي سيستدعي حتما مفارقة عمّا سبق ، فإن هم قطعوا أسباب الزيارة ظنّا منهم بتحقيق مبتغاهم فذاك ضرب من الخطأ ، إذ مَن صاحب اليقين و الثّقة حتما سيثمر إيمانه و يينع ، لأنّه في الأصل صاحب مبدأ ثابت ، ضارب في الأعماق كما الجبال الرّاسية ، متشبع بكلّ معاني البسالة و الشّجاعة ، هذه الإرادة التي من حديد ، قذفت الرّعب في قلب المستبدّ مسيرة عمر.
الأسلوب الذي اعتمده الكاتب غاية في السّلاسة ، و هو ما جعله يمرّر رسالته إلى المتلقي دونما عناء ، جاعلا من ومضته دافعا لنا على نفض الغبار عن قضية باتت تنخر مجتمعاتنا ، و هي من بين القضايا التي من الأجدر بنا تتبّع أسبابها و مراميها.
كما تميّز الأسلوب أيضا بالدقّة في التّصوير من خلال التّكثيف و هو أمر مطلوب في كتابة الومضة ، فالنّص هو جملتان فعليتان ، ابتدأتا بعل ماض ، حيث اُعتمد على ضمير الجماعة الغائبين في الفعل ( قطعوا) الدّال على تدبير مؤامرة حيكت خيوطها بعيدا عن الأنظار ضدّ وحيد عاد عليه ضمير المفرد في الفعل ( وصله ) للدّلالة على كلّ من كان وحيدا و قد انقطعت عنه كلّ أسباب المساندة و الدّعم، هذا السّجين الذي لا حول له و لا قوة هو بحاجة إلينا و الواجب علينا الانتفاضة ضدّ هكذا تجاوزات ، حتّى و إن كنّا في الأصل سببا فقط في وصول إيمانه إليه و لكنّها تبقى نعم المؤازرة .
ومضة بحقٍ تنبئ بمشروع أدبي واعد على جميع الأصعدة ، سواء ما تعلّق بالجانب اللغوي المعجمي، أو الجانب الموضوعي أو الفني ، أو حتى الجانب الاجتماعي إذا ما اعتبرنا الكاتب صاحب وعي جمعي ناضج.
محبّتي.الناقد المبدع الاستاذ عادل لخليدي

فهل مازلت تذكرين؟ قلباً ..متيماً ...حزين يسأل الفجر عنك، والليل ودموع العاشقين يالُب قلبى الحزين هل مازلت تذكرين الورد الأحمر ورقصة الق...